الاثنين، 2 يناير 2012

فاطمة أم الهناء

أم الهناء

و منها! أم الهناء. و هي كنية غير مشهورة و لا أستحضر مصدرها من الروايات المعتبرة إلا ما قاله المرحوم الشيخ الحر العاملي في منظومته:
  • و قد رووا كنيتها أم الهناء أم الحسين المجتبى أم الحسن فاسمع إلى جمع و مقداد حسن
  • أم الأئمة الهداة الأمناء فاسمع إلى جمع و مقداد حسن فاسمع إلى جمع و مقداد حسن
والهناء: بفتح الهاء و النون من الهنى والعيش الهني ء والحياة الطيبة الهنيئة، و منه التهنأة بالأعياد والمسرات و الأفراح، و منه ما يقال لمن شرب الماء:
«هنيئا»
[لسان العرب «هنأ». و منه حديث نزول القدح و شرب الخمسة الطيبة عليهم السلام منه، و منه ما يذكر كثيرا في كتب المناقب من خطاب الله سبحانه «هنيئا مريئا لك يا علي بن أبى طالب»
[البحار 43/ 311 ح 73 باب 12 و سيأتي الحديث بطوله في الخصيصة:] و هو من قوله تعالى (فكلوه هنيئا مريئا)
[النساء:4.]]
[قال صاحب مجمع البيان 12/3: «هنيئا» مأخوذ من هنأت البعير بالقطران، فالهني ء شفاء من المرض كما أن الهناء الذي هو القطران شفاء من الجرب.. يقال: منه هنأني الطعام و مرأني، أي صار لي دواء و علاجا شافيا...]، و هو كل أمر لا تكن فيه مشقة يقال له «هني ء» و منه «هنانى الطعام» و «لك المهنا»
[قال الفيروزآبادي في القاموس 54: الهني ء والمهنأ: ما أتاك بلا مشقة.]
و هذه الكنية أطلقت على الزهراء عليهاالسلام تفألا ليكون عيشها هنيئا، و قد تكون هناك معان أخرى ملحوظة لا تبعد عن الذوق السائد آنذاك. و لما كانت هذه الكنية من مختصات الزهراء و ملحوظا فيها شؤوناتها الذاتية و ملكاتها القدسية
صلوات الله عليها، لذا يمكن استنباط معان حقة و استخراج مرادات صحيحة لا تضر الصورة الظاهرية و الإستعمال الاولى لهذه الكنية.
و بعبارة أخرى، فإن هذه الكنية لم تزد فاطمة الزهراء عليهاالسلام شرفا، بل تشرفت بها، و قد زانت فاطمة الكنية و لم تزنها؛ لأن فاطمة الزهراء عليهاالسلام هي بنفسها العيشة الراضية المرضية في الدنيا و الآخرة، بل هي منشأ الهناء و مصدره، و كان أميرالمؤمنين- بعلها- يشكر الله على هذه النعمة الموهوبة في دار الدنيا، حيث عاشا في غاية التلاؤم والإنسجام، ونالا غاية الكمال من اللذائد الروحانية والحظوظ المعنوية الربانية التي كانا يتمتعان بها.
على أي حال؛ فهي أم الهناء باعتبارها الأصل الأصيل و المصدر النبيل للهناء بغض النظر عن الآخرين، بل بالنظر إلى ذاتها فقط.
و هي أم الهنا لأبيها؛ إذ أن الحظ الأوفر والنفع الأكبر للإنسان في دار الدنيا إنما هو الولد الصالح، و كانت له ابنته الطيبة، و قد قال لها النبي: «لك حلاوة الولد»
[المناقب لابن شهر آشوب 3/ 379 في حب الني صلى الله عليه و آله و سلم إياها عليهاالسلام.]، «قولي يا أبة»
[المناقب لابن شهر آشوب 3/ 367 في مناقب فاطمة عليهاالسلام و فيه عن الصادق عليه السلام: قالت فاطمة: لما نزلت (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) (النور: 63) هبت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن أقول له يا أبة فكنت أقوله: يا رسول الله، فأعرض عني مرة واثنتين أو ثلاثا ثم أقبل علي فقال: «يا فاطمة إنها لم تنزل فيك و لا في أهلك و لا في نسلك أنت مني و أنا منك، إنما نزلت في أهل الجفا، والغلظة من قريش أصحاب البذخ والكبر؛ قولي يا أبة فإنها أحيا للقلب و أرضى للرب».] فإني أفتخر بها و «إنها أحيى للقلب و أرضى للرب»
[انظر الهامش السابق.] و يشهد لذلك تقبيل النبي لها و شمها شما خاصا ينتعش به، و يجدد الروح في شامته الطاهرة والباطنة، فما كان يراه و يذوقه و يناله من ابنته لم ينله من المأكولات
و المشروبات الجسمانية، بل حتى من الأغذية والأطعمة الروحانية، و لذا كناها ب«أم الهناء».
و هي أم الهناء لزوجها أميرالمؤمنين عليه السلام حيث قال عليه السلام ما رأيت من فاطمة عليهاالسلام مكروها و ما أغضبتني قط.
و كل ما تراه من مفاسد بين الرجال و النساء إنما ينشأ من التباين و الإختلاف فيما بينهما، أما لو توافقا فما أحلى الحياة و أهنأها؛ في الفقر والغنى، و سيأتي الحديث «لولا علي لما كان لفاطمة كفؤ»
[انظر البحار 43/ 58 ح 50 باب 3.] و هذا الحديث شاهد على المقصود.
الخصائص الفاطمية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق